الحياء]
خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس المحمودة التي تستلزم الأنصراف من القبائح وتركها وهو من أفضل صفات النفس وأجلها وهو من خلق الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل.
قال صلى الله عليه وسلم: { إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر}
وفي الصحيحين عن أبي سعيد قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه }
فالحياء صفة لله تعالى أثبتها لنفسه
و هو صفة الأنبياء و الملائكة
قال عليه الصلاة والسلام : " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة "
و صفة الصالحين من الناس
قال تعالى " فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء"
ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء: ( من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه)
لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو قوله أو حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه كما جاء في الحديث{ إذا لم تستح فافعل ما شئت }.
وقد قال الشاعر:
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً *** تقلب في الأمور كما يشاء
فمالك في معاتبة الذي لا *** حياء لوجهه إلا العناء
قال أبو حاتم: إن المرء إذا إشتد حياؤه صان ودفن مساوئه ونشر محاسنه.
والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرها ورغب فيها. وقد جاء في الصحيحين قول النبي: { الإيمان بضع وسبعون شعبه فأفضلها لا إله إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان }.
وفي الحديث الذي رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين: { الحياء والإيمان قرنا جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر}.
والسر في كون الحياء من الإيمان: لأن كل منهما داع إلى الخير مُقرب منه صارف عن الشر مُبعد عنه،
فالإيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات
والحياء يمنع صاحبه من التفريط في حق الرب والتقصير في شكره. ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والملامة.
وقد قيل: ( الحياء نظام الإيمان فإذا انحل نظام الشيء تبدد ما فيه وتفرق).
فالحياء ملازم للعبد المؤمن كالظل لصاحبه وكحرارة بدنه لأنه جزء من عقيدته وإيمانه ومن هنا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير،
كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم :{ الحياء لا يأتي إلا بخير } وفي رواية مسلم: { الحياء خير كله }.
ورحم الله امرأة كانت فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها فقال أحدهم: تسأل عن ولدها وهي تغطي وجهها. فسمعته فقالت: ( لأن أرزأ في ولدي خير من أن أرزأ في حيائي أيهل الرجل ).
سبحان الله..
أين هذه المرأة من نساء اليوم تخرج المرأة كاشفة وجهها مبدية زينتها لا تستحي من الله ولا من الناس أضاعت ولدها فعند الله لها العوض والأجر أما المرأة التي حياءها وإيمانها فما أعظم الخسارة وما أسوأ العاقبة.
وصدق الشاعر حين قال:
فتاة اليوم ضيعت الصوابا *** وألقت عن مفاتنها الحجابا
و لم تأبه حياءٌ من رقيب *** ولم تخشى من الله الحسابا
إذا سارت بدا ساق وردف *** ولو جلست ترى العجب العجابا
بربك هل سألت العقل يوماً *** أهذا طبع من رام الصوابا
أهذا طبع طالبة لعلم *** إلى الإسلام تنتسب إنتساباً
ما كان التقدم صبغ وجه *** وما كان السفور إليه باباً
شباب اليوم يا أختي ذئاب *** وطبع الحمل أن يخشى الذئاب
و الحياء عند المرأه
هو أجمل شيء فيها
و هو الذي يزينها ويحليها في أعين الناظرين
و هو الذي يكسبها احترام الآخرين
فالحياء إذا خلق يجمل كل فرد وكل إنسان، ولكنه في حق المرأة آكد وأكثر التصاقا.
والمرأة بدون حياء لا خير فيها
ولابد أن يظهر هذا الحياء على كل تصرفات المرأة المسلمة:
- في لباسها وحجابها.
- في مشيتها.
- في كلامها وخطابها لمن تتكلم معه.
- في جميع ما يصدر منها.
والحياء أنواع
1) الحياء من الله.
يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي
2 ) الحياء من الملائكة.
وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة
قال صلى الله عليه و سلم : { إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوا منهم وأكرموهم }.
3 ) الحياء من الناس.
وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة
4 ) الحياء من النفس.
وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون.
ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة. فيجد العبد المؤمن نفسه تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء. فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر
كانت هذه مقدمة أعلم بأني استفضت فيها عن الحديث عن الحياء لكن أهمية الموضوع
تقتضي ذلك كما أرى
فلا أظن الحديث عن لباس المرأة ينفك عن الحياء بحال من الأحوال
ذلك لأنه دليل عليه و علامة له
و الله ولي التوفيق
سـ1 / ما هي العورة ؟؟
سـ 2/ هل للعورة أنواع ؟؟
العورة هي ما يجب تغطيته و يقبح ظهوره و يستحي منه أو ما يعيب الإنسان ظهوره
و قد سمى الله كشف العورة فاحشة في قوله عن الكفار
{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}
[ الأعراف : 28]
و كانوا يطوفون بالبيت عراة و يزعمون أن ذلك من الدين فكشف العورة و النظر إليها يجر إلى شر خطير و وسيلة إلى الوقوع في الفاحشة و هدم الأخلاق كما هو مشاهد في المجتمعات المتحللة التي ضاعت كرامتها و هدمت أخلاقيتها فانتشرت فيها الرذيلة و عدمت فيها الفضيلة
فستر العورة إبقاء على الفضيلة و الأخلاق و لهذا يحرص الشيطان على إغراء بني آدم بكشف عوراتهم كحرصه على التفريق بين الزوجين و قد حذرنا الله منه في قوله:
{يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا}
[ الأعراف : 27]
فكشف العورات مكيدة شيطانية وقع فيها كثير من المجتمعات البشرية اليوم و ربما يسمون ذلك رقيا و تفننا
(الملخص الفقهي | الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان)
إذا ,, الستر نعمة من الله على عباده و هتك الستر و إبداء السوءة عقاب من الله تعالى بدليل آية الأعراف السابقة
فلما عصى آدم و زوجه حواء الله عز و جل عاقبهما بأن سلب منهما نعمة الستر فنزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما
فالله يمتن على عباده بالستر مما يدل أنه نعمة و إذا أزيل الستر يعني ذلك زوال نعمة
ولا تزول نعمة إلا عقابا
و يجدر بنا هنا أن نضع ما يمكن تسميته بقواعد عامة في اللباس إن صح التعبير
أولا: إذا اختلف العلماء في حدود عورة اللباس فإن الحياء لا خلاف فيه
ثانيا: اللباس في الإسلام له ضوابط شرعية معينة و ليس له شكل معين
ثالثا: أمور اللباس لم ترد فيها نصوص كثيرة
رابعا: أمور اللباس تخضع إلى العرف و عادات الناس ما لم تخالف الشرع
خامسا: كان النبي صلى الله عليه و سلم في بداية بعثته يحب أن يوافق أهل الكتاب في هيئته و ذلك لأنهم أقرب للحق من مشركي العرب لكن عندما أمره الله بمخالفتهم ما عاد لموافقتهم في شيء
سادسا: سنة النبي صلى الله عليه و سلم في اللباس و الهيئة أن لا يخالف قومه
سابعا: قاعدة فقهية إذا اجتمع مبيح و حاظر فإنه يغلب جانب المنع
ذكرنا سابقا أن أمور اللباس لم ترد فيها نصوص كثيرة و على ذلك فإنه ليس هناك دليل مستند عليه لتحديد عورة المرأة أمام المرأة و ليس هناك إجماع في هذه المسألة و لكن القياس حجة يستغنى به و تؤخذ منه الأحكام فهو مصدر من مصادر التشريع
فقد وردت الأدلة بأن عورة الرجل أمام الرجل من السرة إلى الركبة بالإجماع فحدد العلماء عورة المرأة قياسا على ذلك
و العورة عورتان :
1- عورة نظر
2- عورة لباس
[1]
عورة في النظر
و هي المقصودة بأن الصحيح فيها بأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة
فلا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة المرأة في هذه الحدود و لا يجوز للمرأة إظهارها إبتداءا
فقد نهى النبي صلى الله عليه و سلم أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة و نهى الرجل أن ينظر إلى عورة الرجل
و النهي يقتضي التحريم
يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ( أخطأ كثير من الناس في فهم هذا الحديث فحملوه على أنه يجوز للمرأة أن تبدي عما سوى السرة إلى الركبة و الحديث ليس في [عورة] اللباس و إنما هو في [عورة] النظر) انتهى كلامه رحمه الله
[2]
عورة اللباس
فلا بد أن يكون ابتداءا ساترا لما بين السرة إلى الركبة لأن هذه العورة التي نحن مأمرون بحفظها و يحرم إظهارها أو النظر إليها
و اللباس كما أسلفنا يخضع للعرف ما لم يخالف نصا و يرجع فيه إلى عرف الصالحات
قال تعالى: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"
(199) الأعراف
و العرف المقصود به المتعارف عليه من الأحكام الشرعية و لكن يدخل فيه عرف أهل البلد بشرط أن يكون متعارف عند العقلاء و الحكماء و الصالحين
و هذا دليل أن العرف يرجع إليه في حال انعدام النص
و في قصة هند عندما أتت تشتكي شح أبا سفيان فأرشدها رسول الله أن تأخذ من ماله ما يكفيها و ولدها بالمعروف فدل على أن العرف يستند عليه في تشريع الأحكام بشرط أن لا يخالف شرعا
و حدود اللباس لم يرد دليل على كيفيته لكن المتعارف عليه عند نساء الصحابة أنهن كن يرتدين القمص (جمع قميص) و الخُمُر
فقد قال العلماء أن المرأة تظهر أمام المرأة ما تظهره أمام محارمها الرجال و هو ما ظهر منها حال المهنة ( أي عملها في منزلها ) من الوجه و الرأس و موضع القلادة – و هو ما أحاط بالعنق – و اليد إلى الساعد و القدم و الساق ( عند الحاجة )
قال تعالى:
{ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ... الآية}
[النور : 31]
فعدد الله عز و جل المحارم الرجال و عطف عليهم النساء و هذا دليل أن حكمهم واحد فيما تبديه المرأة لهم
فلا تظهر المرأة أمام النساء إلا ما تظهره لمحارمها الرجال
و ظاهر الآية يدل على أن المرأة تبدي أمام النساء ما تبديه أمام محارمها الرجال
و تجدر الإشارة هنا إلى أن المرأة المقصودة بذلك هي المرأة الصالحة ذات الحياء و الدين و ليس أي أحد سواها
لأن من النساء من قل حياؤها أو انعدم فلا ترى غضاضة في التعري أمام محارمها غير الزوج طبعا فهذه ليست أهلا بأن تُتبع أو تحتذى البتة
الخلاصة يمكن تقسيم أحكام عورة المرأة أمام المرأة إلى قسمين:
[1]
ما يجوز للمرأة أن تراه من المرأة
و فيه قاعدتان
الأولى: "نهى النبي صلى الله عليه و سلم أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة "
و النهي يقتضي التحريم
و هو يدل على أن المرأة إذا أبدت عورتها أمام مرأة أخرى فإنه يحرم على الأخرى النظر إليها
بدليل هذا الحديث و هو لا يتكلم عن حدود اللباس أبدا كما بينا في كلام الشيخ العثيمين رحمه الله
القاعدة الثانية: أن العورة عورتان عورة في النظر و عورة في اللباس
[2]
ما يجوز للمرأة أن تظهره أمام المرأة
ما تبديه المرأة أمام المرأة هو نفسه ما تبديه أمام محارمها من الرجال و الدليل قوله تعالى في سورة النور
{ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ}
يقول الشيخ صالح الفوزان: " المرأة أمام المرأة يجب أن تستر ما تعارف الصالحات على وجوب ستره (أي ما يستحي الصالحات من إظهاره) "
أخيرا نذكر ,,,
أن اللباس في الإسلام له ضوابط شرعية معينة و ليس له شكل معين
و أن أمور اللباس تخضع إلى العرف و عادات الناس ما لم تخالف الشرع
و العرف هنا عرف النساء الصالحات ذوات الحياء و الدين و الإيمان
فلا مجال لإتباع الفاجرات السافرات قليلات أو عديمات الحياء