مصطفى الصواف
طالعتنا وسائل الإعلام اليوم بتصريحات وزير الخارجية الكويتي محمد الصباح، أن حركة حماس ليست تابعة لهذا الطرف أو ذاك, مشدداً أن حماس سيدة نفسها وأن قراراتها منطلقة من المصلحة الوطنية الفلسطينية، كلام يأتي ردا على تساؤلات طرحت في جولة قيادة حركة حماس، بدا فيها التشكيك بمواقف حماس العربية، ورددها بعض الببغاوات في رام الله، فجاء الرد من طرف عربي وليس فقط من حركة حماس التي عندما تؤكد موقفها وانحيازها العربي والإسلامي ليس من باب الدفاع بل من باب التأكيد على موقف أصيل للحركة لا يقبل التشكيك.
هذا التشكيك الذي طرحه وزير الخارجية السعودي سعود الفصيل كان نابعا من حجم التشويش والتحريض الذي مارسه محمود عباس والحكومة المصرية ضد حركة حماس، ومحاولة ربطها بتحالفات هنا وهناك سواء كانت إيرانية أو غير إيرانية، حتى أن السؤال حول موقف حماس مما يجري في اليمن بين الحكومة اليمنية والحوثيين كان تساؤلا خبيثا، خاصة أن حماس قالت موقفها منذ زمن بعيد، وأكدت فيه أن المشكلة يمنية داخلية، وحماس ربما هي القوة الوحيدة فلسطينيا لا تتدخل في الشأن الداخلي للدول العربية وغير العربية، ومجال صراعها هو فلسطين وعدوها هو المحتل، وتحالفها لخدمة الصالح الفلسطيني العام.
واليوم يعلنها الوزير الكويتي صراحة أن حركة حماس سيدة نفسها، أي أنها ليست ورقة في جيب أحد، أو أن أي طرف من الأطراف يملي عليها قرارها، إلا طرف واحد هو الذي يحدد قرار حماس ويملي عليها مواقفها وهذا الطرف هو المصلحة الفلسطينية العليا، فحيثما كانت هذه المصلحة كانت حماس وكان قرارها.
الشيء الآخر الذي طرحه الوزير الكويتي هو موضوع المصالحة الفلسطينية، والذي تحدث فيه عن لقاء مرتقب بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل مع رئيس حركة فتح محمود عباس من أجل حل الخلافات العالقة بين الطرفين، قبل التوقيع على ورقة المصالحة التي قدمتها مصر وترفض حماس التوقيع عليها دون أن يتم إعادة النظر فيما ورد فيها وردها إلى ما تم الاتفاق عليه بين القوى الفلسطينية في حوارات القاهرة المتتابعة.
هذا اللقاء الذي سيجمع طرفي المعادلة الفلسطينية فتح وحماس بات ضروريا حتى يتم التوصل إلى مصالحة حقيقية، وهذه كانت دعوة مشعل المتكررة والتي كان آخرها في بيروت خلال مؤتمر دعم المقاومة، وهذا كان مطلبا من قبل مشعل أو نقطة ركز عليها خلال اللقاءات مع المسئولين العرب، إلا أن عباس مازال يرفض اللقاء ويشترط التوقيع على الورقة قبل اللقاء.
ما هو المعيار إذن في الأمر، حركة حماس معيارها واضح وهو مصلحة الشعب الفلسطيني، تحقيق المصالحة، إنهاء الخلاف، وعودة الوحدة واللحمة للصف الفلسطيني، وإذا كانت المصالحة تأتي من خلال اللقاء.
لا أعتقد أن عاقلا حريصا على المصالحة والمصلحة يرفض هذه الدعوة مهما كانت حجته أو مبرراته، لكن يبدو أن هناك فيتو خارجياً أو إقليمياً يحول دون هذا اللقاء الذي بدا فيه ميل لدى غالبية الأطراف العربية بضرورة عقدة للتوصل إلى المصالحة، ونعتقد أن من يرفض اللقاء، هو في الحقيقة يرفض المصالحة، وإذا كانت الحكومة المصرية حريصة على عقد المصالحة عليها الدفع في اتجاه عقد هذا اللقاء، وإذا توصل الطرفان إلى حل فهو غاية المنى، وستكون مصر هي اللاعب الأساس في كل عملية المصالحة، وستبقى ورقة المصالحة بيدها، ودون ذلك لا اعتقد أن مصر ستحتفظ بأي ورقة فلسطينية لو وقفت عائقا أمام التوصل إليها بأي شكل أو طريقة.
المطلوب من السيد محمود عباس الاستجابة السريعة لدعوة اللقاء التي أطلقها مشعل ولاقت صدى واسعا لدى الأطراف العربية التي أخذت في السعي نحو عقدها، ولكنها تجابه بالرفض من قبل عباس، فهل تنجح الأطراف العربية بمساعدة مصر في عقد هذا اللقاء، أم سيثبت للجميع بأن الفيتو الأمريكي وفيتو أطراف عربية التي يخضع لها عباس سيحول دون اللقاء ودون عقد المصالحة الفلسطينية الفلسطينية؟
