سويسرا والمآذن
لم تكن نتائج استطلاع الرأي أو الاستفتاء الذي جرى في سويسرا حول بناء المآذن في مدنها وقراها مفاجئة للكثيرين، بل توقعها الكثير ممن يدركون طبيعة المجتمعات الغربية المسيحية والمناهضة للشعائر الإسلامية، وكذلك الخوف من انتشار الإسلام في بلدان أوروبا بشكل أكبر مما هو جارٍ، إضافة إلى الحملة الإعلامية الغربية والتي تحذر من الإسلام والتي ازدادت حدتها في أعقاب هجمات سبتمبر على برجي التجارة في نيويورك، والحملة الأمريكية الأوروبية التي صاحبتها فيما بعد تحت عنوان محاربة الإرهاب، وكأن محاربة الإرهاب عندهم تعني عندهم محاربة الإسلام.
الموقف السويسري يجب أن يقابل من الجهات الإسلامية المختلفة بشيء من التروي وعدم الانجرار وراء ردود الفعل التي يجب ألا تتعدى التعبير الديمقراطي الحضاري الحر على الموقف السويسري، لأنه ليس من المتوقع على مجتمع ضارب في المسيحية منذ قرون طوال أن يتغير في يوم وليلة نحو السماح ببناء مآذن، ويجب تقبل الموقف بعقلانية ودون أي خطوات استفزازية لن تضر فقط بمن يقدم عليها ولكنها تؤثر على ما هو أكبر وهو الإسلام الذي نحن بحاجة إلى أن يفهم هؤلاء الفهم الصحيح للإسلام الحضاري، الوسطي، دين العالمين والذي جاء رحمة للناس جميعا.
الإسلام الآن في أوروبا دين غريب ومتهم من قبل الجميع, إلا من البعض الذين فهموا الإسلام على حقيقته ولم يترددوا في الدخول فيه، ونعتقد أن الإسلام دين المستقبل وسوف ينتشر في أوروبا ولكن المسألة بحاجة إلى وقت وإلى من يحمل هذا الدين ويلوج به في هذه المجتمعات برفق وعن طريق الإقناع والشرح والتفسير، وقبول رأي الآخرين حتى وإن كان معارضاً لدرجة كبيرة.
روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق:" سئل الرسول صلى الله عليه وسلم أيهما تفتح أولا القسطنطينية أم روما فأجاب الذي لا ينطق عن الهوى (صلى الله عليه وسلم) :"القسطنطينية ثم روما"، وقد فتحت القسطنطينية بعد حوالي ثمانية قرون ويقيناً ستفتح روما بإذن الله تعالى. وروما كما يعلم الجميع هي معقل المسيحية حيث الفاتيكان وهذا دليل واضح على أن أوروبا ستخضع للإسلام إن سمح السويسريون ببناء المآذن أو رفضوا فالقول واضح من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، لذلك المطلوب أن نعزز البناء ونراكم من إنجازات نشر الدين الإسلامي بهدوء ودون أي ضجيج ، ويجب ألا نفتعل أي أحداث أو مشاكل على هذا القرار ، فمن كان يصدق يوماً أن تُبنى المساجد في باريس وتزداد يوماً بعد يوم ، وبريطانيا من كان يظن أن يكون الدين الإسلامي هو الدين الثاني في بريطانيا، ومن كان يفكر يوما أن أسماء المواليد في لندن هم الذين يحملون اسم محمد (صلى الله عليه وسلم) وقد تفوق اسم جورج الأكثر شهرة في بريطانيا.
الدين الإسلامي اليوم في كل أوروبا هو الدين الثاني بعد المسيحية، لذلك فليساهم كل منا بما يستطيع في نشر الدين الإسلامي حتى نحقق ما قاله الرسول من فتح روما معقل المسيحية الكاثوليكية، ولنصبر على هذه القرارات العنصرية وغير الديمقراطية، ولنعزز من أساليب الدعوة إلى الله بشكل متواصل وبإقناع دون أي تعصب أو انجرار وراء العواطف، فالمجتمع الأوروبي بحاجة إلى الفهم الحقيقي للإسلام، وهذا الذي يجب أن نعتمد عليه، بدأنا بمراكز إسلامية ثم ها نحن نبني المساجد في أوروبا ويرتادها المسلمون بل أحيانا في بعض البلدان التي تضيق على المسلمين في بناء المساجد يتم استئجار كنائس لصلاة الجمعة أو العيد، فلتكن مساجدنا اليوم في سويسرا بلا مآذن، فلا ضرر في ذلك، وسيأتي اليوم الذي تعلو فيه المآذن في سويسرا وغيرها من بلدان أوروبا بهدوء وبقبول وعلى أيدي الأوروبيين أنفسهم بعد إقناعهم بالإسلام والدخول فيه بعد أن يدركوا أنه الدين الحق ودين السلام.
